بقلم/ هاني سيد أحمد
من الموضوعات الهامة لأولياء أمور ذوي اضطراب التوحد، والتي تكثر حولها الاستفسارات، هي مرحلة البلوغ، متى يبلغ ابني؟ ماذا على أن أفعل؟ كيف استعد لهذه المرحلة؟ ما المسموح وغير المسموح؟ كيف يمكن أن تمر هذه المرحلة بامان؟
وسنبدأ إضاءاتنا حول مرحلة البلوغ لذوي اضطراب التوحد بالإجابة عن التساؤل التالي:
متى تبدأ التربية الجنسية؟ :
التربية الجنسية عملية مستمرة ولا تقتصر على سن معينة بل تبدأ من الطفولة ثم تستمر.
وهناك حقائق يجب الاعتراف بها ألا وهي:
أن الأطفال لا يظلون أطفالا بل يكبرون ويبلغون جنسيًا ويصلون لمرحلة المراهقة.
كما أن الغريزة الجنسية لها قوتها ولا يمكن تجاهلها وهي من أهم الغرائز
فالغريزة الجنسية تصحب الفرد طوال حياته بين الضعف والقوة وبين الكمون والظهور.
وظهور الدوافع والميول الجنسية عملية حيوية سوية لا بد أن تقع خلال نمو الطفل ونضجه.
وعلى الوالدين والمربين والمختصين أن يتفهموا النمو الجنسي والسلوك الجنسي والمشكلات الجنسية في الأعمار المختلفة وخصائص المرحلة التي تضم أبنائهم.
سن البلوغ :
يدور في أذهان الكثير من أولياء أمور ذوي اضطراب التوحد سؤالاً عن سن البلوغ ،متى سيصل ابني لمرحلة البلوغ ؟ وللإجابة على هذا التساؤل نود أن نشير إلى أن ذوي اضطراب التوحد والاضطرابات النمائية المشابهة يمرون بمرحلة البلوغ الجنسي كما أن لهم نفس احتياجات الآخرين حيث أنهم في المتوسط يصلون لسن البلوغ الجنسي في نفس العمر الذي ينضج فيه الأشخاص العاديين أو أبطأ أو أبكر قليلا.
بالنسبة للإناث قد تظهر العادة الشهرية وعلامات البلوغ في سن مبكرة تتراوح بين 11 - 12 سنة أو قبل أو بعد ذلك.
أما بالنسبة للذكور فيبدأ إفراز المني في سن يتراوح بين 11 – 13 سنة أو قبل أو بعد ذلك.
, فكل شخص سواء كان من ذوي اضطراب التوحد أو مما نطلق عليهم العاديين له نفس الحاجات الأساسية التي حددها العالم ( ماسلو ) في مدرجه الشهير وكلما تم معاملة الشخص باحترام وحب وتفهم كلما كانت فرصته أن يكون محترماً ومتفهماً ومحباً للآخرين.
نخلص مما سبق إلى أن الشخص من ذوي اضطراب التوحد والاضطرابات النمائية له حاجات جنسية فنحن أصبحنا أمام شخص وصل لمرحلة البلوغ ويشعر بأحاسيس و تنمو وتتطور لديه المشاعر والوظائف الجنسية بشكل كامل ويتمتع بقدرات جنسية ولكن هذه القدرات ليس لها طريقاً مقبولاً للتعبير عنها وإشباعها, لذا علينا أن نتوقف حتى لا تحدث حالات يرتكب فيها أخطاء وسوء تصرف واستغلال.
ولذا علينا أن ندرب ذوي اضطراب التوحد على:
السلوك المقبول وغير المقبول : يجب علينا مساعدة الأبناء من ذوي اضطراب التوحد أن يفهموا بوضوح ما هو السلوك المقبول وأين يمكن ممارسته وما هو السلوك غير المقبول لذا فإنه من الضروري استخدام أساليب التدخل السلوكي المختلفة منذ صغر الطفل وقبل وقت طويل من وصوله لسن البلوغ لأنها ستكون مفيدة جدا في فترة البلوغ وستساعدنا كثيرا في التغلب على العديد من المشكلات الجنسية, خاصة مع البالغين الذين لا يدركون القيم والمعايير التي تحكم السلوك الاجتماعي, ويقومون ببعض أنماط السلوك غير المقبول اجتماعياً بدوافع جنسية لذا يجب أن تتضمن البرامج الخاصة أهدافاً للتدريب على السلوك المقبول والسلوك غير المقبول. ومن جانب آخر من الهام أن يتم تدريب ذوي اضطراب التوحد على:
أنماط السلوك الإيجابي : فيجب معرفة أن بعض أنماط السلوك التي كانت مقبولة في سن معينة لم تعد مقبولة اجتماعيا الآن, ولذلك لابد أن نكون قدوة في سلوكنا أمام الأبناء ونتحكم فيما يشاهده الأبناء, ولا نتمادى ونبالغ في حمل الطفل واحتضانه وتقبيله أو ملامسته ووضعه على القدمين.
وعلينا البدء في ذلك قبل أن يصل الأبناء إلى مرحلة المراهقة بفترة مناسبة وبصورة تدريجية بمعنى أن نبدأ في ذلك اعتباراً من سن 9 سنوات للابنة ، و10 سنوات للابن.
ولكن ماذا عن العادة السرية هل أعاقب ابني الشاب من ذوي اضطراب التوحد على ممارسة الاستمناء أم اتركه ؟ ماذا أفعل ؟
أن موضوع العادة السرية من الموضوعات المربكة والمحرجة لأولياء الأمور بمجرد ذكر الاسم، ولكن في حقيقة الأمر أنه أمر غاية في السهولة إذا ما أدركنا ما يلي:
لابد أن نعترف أن الناحية الجنسية جزءاً عادياً من الحياة وليست أمراً شاذاً, والجنس غريزة أساسية ولا يمكن كبتها على طول الخط وطوال حياة هؤلاء الأبناء, فنحن أمام قدرات جنسية ليس لها طريقاً مقبولاً للتعبير عنها وإشباعها, لذا فإنه من المسموح ترك البالغ من ذوي اضطراب التوحد يمارس العادة السرية لتفريغ طاقته الجنسية وهنا يلح السؤال.
أين يمارس العادة السرية؟ وهل نطلق له العنان في ممارسة العادة السرية؟
بالطبع لا يمكن ترك البالغ يمارس العادة السرية وقتما وأينما شاء فلا بد أن تأخذ الشكل الاجتماعي وتكون وفقا للمعايير الاجتماعية بمعنى عدم ممارستها في العلن وأمام الآخرين, أن تمارس في مكان ثابت ( حمام ) وليس أي حمام بل داخل حمام المنزل فقط أو داخل غرفة نومه وندربه على الاستحمام بعد ممارسة الاستمناء، ومن الإجراءات التي قد يتم تنفيذها هي وضع بطاقة (توقف) توحي للبالغ أن يتوقف عن هذا النشاط في الأماكن التي قد يحاول فيها البدء في ممارسة عملية الاستمناء والتي بالطبع تسبب حرج أو مشكلة مثل الفصل الدراسي أو أمام الضيوف في المنزل أو في الأماكن العامة, وإذا كانت قدرات البالغ لا تسمح له بفهم البطاقة فمن الممكن أن نطلب منه الذهاب للحمام بمجرد البدء في السلوك أو ظهور علامات البدء فيه، ولابد أن نقنن ممارسة العادة السرية, وسنعرض في نهاية المقال إرشادات لكيفية التقنين والتحكم في ذلك.
الرعاية الذاتية وأهميتها في مرحلة البلوغ لدى ذوي اضطراب التوحد :
إن أساس عملنا مع ذوي اضطراب التوحد هو تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية والاعتماد على الذات, وتعد تدريبات الرعاية الذاتية هامة جداً ولا بد أن نبدأ فيها منذ سن صغيرة, ونركز عليها ونحاول قدر الإمكان أن يكون الابن قد أنجز المهارات الخاصة بخلع وارتداء الملابس والاعتماد على النفس في قضاء الحاجة وكذلك الاستحمام قبل وصوله لفترة البلوغ، وذلك حتى لا نضطر إلى أن ندخل معه إلى الحمام ونساعده في العناية بالذات في خلع وارتداء الملابس والنظافة الشخصية وهذا ببساطة لأن ملامسة جسده في هذه المرحلة قد تسبب استثارة جنسية، وإذا حصل من خلالها على لذة سوف يسعى للملامسة من أجل الحصول على نفس اللذة، ومن جانب آخر إذا أنجزنا تدريب ذوي اضطراب التوحد على هذه المهارات سوف نساعده على إدراك خصوصية جسده.
ولكن ماذا يجب علينا أن نفعل إذا ما قام البالغ من ذوي اضطراب التوحد بالعبث بالأعضاء التناسلية واللعب الجنسي:
علينا في هذه المشكلة السلوكية تجنب العقاب بأنواعه ولكن اشغل يد الابن باستمرار بأي نشاط ( الكتابة – أنشطة يدوية أثناء الجلوس – لعبة – تكليفه بمهام يقوم بها داخل الفصل وفي المنزل تحتاج إلى الحركة دون أن تشعره أنه مراقب ويمكن أن نطلب من المراهق أن يضع يديه على الطاولة أثناء الجلوس وأن تكون قدميه ملامستان للأرض وظهره ملامس للكرسي مع وجود مسافة بين الركبتين أثناء الجلوس وندربه على هذه الجلسة الصحيحة لتصبح جزء من سلوكه اليومي عند الجلوس، وهناك العديد من السلوكيات البديلة التي يمكن تدريب الابن عليها.
ولابد أن نستكشف أولا هل هذا السلوك بدافع جنسي أم نتيجة لوجود فطريات أو حساسية أو ....... الخ في هذه المنطقة.
إجراءات وإرشادات هامة لأولياء الأمور والعاملين مع ذوي اضطراب التوحد والاضطرابات النمائية المشابهة في مرحلة البلوغ:
أن تكون لدينا معلومات دقيقة عن الأبن وطبيعة مشكلته وسماته. -
جمع معلومات عن الأشخاص وثيقي الصلة بالابن. -
إختيار ملابس غير لاصقة وغير ضيقة للأبن. –
- تجنب الألفاظ الدالة على الجنس أمام الأبن لأن بعضهم قد يستخدمها في مواقف غير مناسبة نظراَ لعدم فهم المعايير الاجتماعية مما يسبب الحرج للأبن والأسرة والمحيطين به، وقد يؤدي إلى نبذ الآخرين للابن، كما أن الابن إذا كان لديه تكرار للكلام (إيكولاليا ) فقد يكرر هذه الكلمات أمام الآخرين.
- في السن الصغيرة لا تترك الأبن يتجول عارياَفي المنزل، فيجب أن يكون مرتدياَ ملابسه كل الوقت ولانتسامح معه إلا في وقت الاستحمام وقضاء الحاجة وأن يتم ذلك داخل الحمام،لا تجعله يخلع سرواله قبل أن يدخل الحمام ويغلق الباب كما لا تسمح له بالخروج من الحمام قبل أن يلبس سرواله بشكل كامل، وهذا سيساعدنا فيما بعد على تدريبه على ألا يظهر أعضاء جسمه أمام الآخرين.
تدريب الابن على الاستجابة للتعليمات مع قدر مناسب من الطاعة. -
- تجنب الإسراف في العناق والتدليل وتبادل القبلات والتلامس الجسدي مع الابن وغير ذلك من الأفعال التي تثير قد تثيره.
- عدم اللجوء إلى التهديد والعقاب حتى لا يلجأ الابن إلى العدوان والتخريب وإيذاء الذات أو الآخرين بصور متعددة، وحتى لا تغلق قنوات التواصل بينك وبين الابن.
- التربية الجنسية تهتم بتحسين العلاقات الاجتماعية وتشجيع الميول والهوايات العملية، وتشجيع العمل اليدوي.
للعب وممارسة الرياضة دور هام في خفض السلوك الجنسي، والاستثارة الجنسية الذاتية. -
- من المفيد أن يتم استشارة الطبيب فيما يتعلق بإمكانية شرب الابن للسوائل والأعشاب الطبية التي من شأنها أن تهدأ من الاستثارة الجنسية.
تحويل القوة الجنسية الدافعة إلى مسالك أخرى وذلك عن طريق: -
- الاهتمام بممارسة الرياضة بشكل منتظم مثل:
تدريبات اللياقة البدنية والسباحة و......إلخ.
- الاهتمام بالفنون والموسيقى.
- لابد أن يتم تدريب الابن على النوم منفرداً.
- تدريب الابن على مغادرة الفراش سريعاً بمجرد استيقاظه من النوم.
تدريب الابن على الدخول للفراش وقت الحاجة للنوم ولذا يجب من البداية تنظيم أوقات النوم.-
- التقليل قدر الإمكان من الفترات التي يجلس فيها الابن منفرداً وبدون نشاط.
درب الابن على التعاون مع الآخرين في أوجه النشاط حسب قدراته. -
- حث الابن على بذل مجهود للقيام بالعمل الموجه إليه على وجه موفق وتعزيزه على ذلك .
- شجع الابن على المساهمة في الواجبات والأعمال المنزلية، وأن يصبح له أدواراً ثابتة داخل المنزل حسب قدراته.
- الخروج في رحلات وملاحظة الطبيعة ويجب الإكثار من ذلك قدر الإمكان.
- اختيار موضوعات لقصص مصورة ومجلات تكون مناسبة يتصفحها الابن ونشاركه في ذلك حسب قدراته.
- لابد من الاهتمام بطريقة جلوس الابن بحيث تكون يده بعيدة عن أعضائه-اليدين على الطاولة في حالة عدم استخدامهما في ممارسة نشاط - وظهره مفروداً مع عدم التصاق الفخذين والقدم ثابتة على الأرض. (ويراعى التدريب على ذلك قبل وصول الابن لمرحلة البلوغ).
- من المفضل إعداد جدول بصري مصور أو مكتوب حسب قدرات الابن، وذلك لتقسيم الأعمال اليومية لكل ابن لشغل وقت فراغه وهذا سيجنبنا العديد من المشكلات.
لابد من تقديم النماذج السلوكية الجيدة أمام الأبن وتعزيزه عند تقليدها. -
- على الوالدين تجنب القبلات أمام الابن لأنه سيقلد سلوكك فكيف نخبره بعد ذلك أن هذا سلوكاً خاطئاً يجب ألا يكرره.
- يجب الأخذ في الاعتبار أننا قد نثير الابن جنسياَ بدون قصد من خلال ملابسنا وما نستخدمه من عطور أثناء التعامل معه.
- يجب تدريب الابن على حدود جسمه وعلى وجود مسافة –المسافة الشخصية – بينه وبين الآخرين والتي تقدر بمسافة ذراع.
لابد كما ذكرنا أن ندرب الابن على مهارات الرعاية الذاتية قبل بلوغه مرحلة البلوغ.-
عند مساعدة الابن أثناء الاستحمام لا تطيل من فترة النظافة للأعضاء التناسلية.-
يجب تدريب الابن على الحمام المناسب لجنسه.-
- يجب تدريب الابنة على الرعاية الذاتية أثناء الحيض ويمكن ذلك باستخدام تحليل المهام المصورة الخاص بالتدريب على وضع الفوطة الصحية، وتغيير الفوطة الصحية أثناء الحيض.
- يجب أن تتضمن برامج الابن والابنة أهداف مبسطة للتثقيف الجنسي والتوعية الجنسية بما يتناسب مع قدراتها حتى لا تتعرض للإساءة الجنسية.
- لابد أن تتفق التربية الجنسية مع العادات والتقاليد والتعاليم الدينية وبما يتناسب مع البيئة العربية.
وأخيراً التربية الجنسية القاسية، وكذلك التسامح الزائد مع السلوك الجنسي لهما عواقب وخيمة
ابنك أو ابنتك من ذوي اضطراب التوحد في حاجة إلى الحب والقبول والشعور الأمن.
ويمكنك بكل سهولة أن توفر له ذلك بإتباعك للإرشادات التي جاءت في هذا المقال لتمر مرحلة البلوغ بسلام.
مع أرق تحياتي
0 Post a Comment:
إرسال تعليق