د.سليمان قديح
إن إدراك أية مشكلة ومدى خطورتها، هو الوعي في محاولة إيجاد حل لتلك المشكلة، ويعد البداية الأولى لمعرفتها.. فمشكلة التعصب لدى الإنسان، هي مشكلة جوهر وجود الكيان الإنساني
ومن المعروف لدى الجميع وخاصة المشتغلين في علوم النفس، أن النفس الإنسانية تكره في الكشف عما يدور ثناياها وما تخبئه، حتى قيل أن التحديق في ذواتنا الداخلية أمر محبط، ومواجهتها بصدق وإخلاص من أصعب الأشياء وأعقدها، وذلك بسبب ما تحمله من نزعات تنطوي على الكثير من الأخطاء ومن الخوف من مواجهتها بتلك الحقائق، لذا فإن مواجهة النفس من أصعب المواجهات وأعقدها. ويرى مصطفى زيور عالم النفس المصري أن التعصب ظاهرة اجتماعية لها بواعثها النفسية، وهي تنشأ أولاً وقبل كل شيء من بواعث نفسية ، وإن اتجاهات التعصب تفسر على النحو التالي: إن العدوان طاقة انفعالية لابد لها من منفس، ويتخذ لذلك موضوعاً معيناً تفرغ فيه الشحنة الزائدة، وإذا لم يتمكن العدوان من أن يصل إلى مصدر، فإنه يلتمس مصدراً آخر يصبح كبش الفداء، ومثال على ذلك الموظف الذي يوجه له رئيسه التوبيخ والإهانة، ثم لا يستطيع أن يرد على رئيسه، فإنه عندما يعود لمنزله يصب غضبه على زوجته وأبنائهويحتمل أن يتحول العدوان لدى الإنسان من موضوع إلى موضوع آخر، أو يستبدل هدفاً بهدف لغرض التفريغ والتخلص من الشحنات المكبوتة، وإذا ما منع هذا التحول أو الاستبدال، ارتدّ نحو الذات، وبذلك تفتك النفس بنفسها.
إذن تتركز مشكلة التعصب ومظاهرها في العدوان، وكيفية تصريفه، وتحويل هذا العنف المدفون داخل النفس الإنسانية إلى موضوعات أخرى في المجتمع
0 Post a Comment:
إرسال تعليق