أ.د. أحمد عكاشة
اقترح اللورد أوين في مقال منشور في المجلة البريطانية للطب النفسي أن يدرج هذا التشخيص ضمن
تصنيفات أمراض الطب النفسي, وقد عمل الدكتور دافيد أوين كطبيب نفسي لمدة زمنية انتقل بعدها للعمل بالسياسة
واستطاع التدرج في عدة مناصب فكان زعيما للحزب الديمقراطي الاجتماعي في بريطانيا ثم صار وزيرا
للخارجية , وبرلماني وكذلك عضوا في بعثة السلام ليوغوسلافيا السابقة ثم انعم علية بلقب لورد.
إن مفهوم "متلازمة الغطرسة" هو مفهوم جديد ينطبق بالأكثر على السياسيين و لكنة يمس أيضا كل
الوظائف المهنية في شتى المجالات كالمؤسسات، البنوك و الجامعات....الخ. وقد أوضح اللورد أوين في مقاله كيف
أن الحالة العقلية والجسدية تؤثر على صانعي القرار من الحكام والمسئولين, واستعرض تأثير الحالة النفسية
والجسدية من خلال مائة عام لجون كنيدي كرئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية وعوامل إصابته بمرض أديسون و
ألام الظهر التي كان يعانى منها والتي تسببت في استعماله لعقاقير ضد الألم وكذلك المنبهات و الكورتيزون مما
كان له أبلغ الأثر في اتخاذه لقرارات خاطئة، كما حدث في مشكلة خليج الخنازير من أجل الإطاحة بكاسترو في
كوبا. و أتخذ كمثال آخر لندون جونسون، الرئيس الامريكى السابق وكيف أصيب بالاكتئاب ثم اضطراب الهوس
الاكتئابي (ثنائي القطب ) والتي ظهرت لديه جليًا خلال مشكلة حرب فيتنام. وأيضا أنتوني إيدن أثناء العدوان
الثلاثي على مصر و استعماله المتكرر للمهدئات والمنبهات مما أثر في قراراته وكان من نتائجه استقالته من رئاسة
الوزراء. فالأمثلة كثيرة والقائمة طويلة تضم على سبيل المثال رئيس فرنسا فرانسوا ميتران، و كذلك شاه
إيران، و الرئيس الأمريكي نيكسون الذي أصيب بالقلق والاكتئاب و استعماله المفرط للكحوليات. وهناك أيضا
أمثلة كثيرة بين الحكام العرب وفى أمريكا اللاتينية. ومن هنا نستطيع أن نستنبط العلاقة المباشرة بين ازدياد
القوة والاستعلاء وظهور "متلازمة الغطرسة" وتتلخص أعراض هذا الاضطراب كالأتي:
- النظرة على العالم كمكان لتمجيد ذاته بالالتصاق بالقوة
- الأولوية في اتخاذ القرار لتضخيم صورته الذاتية
- الاهتمام المبالغ بصورته و طريقه كلامه
- استعراض السلوك والكلام على أنه مبعوث العناية الإلهية
- خلط وذوبان الذات مع الوطن أو المؤسسة أي انه هو الوطن أو المؤسسة
- الاستعمال المفرط لكلمة نحن عند الحديث ، الثقة المبالغ فيها بالذات
- احتقار وازدراء آراء الآخرين
- اعتبار أن حق مساءلته هو من اختصاص الله أو التاريخ وليس من حق الشعب
- الاعتماد الراسخ ببراءته أمام الله والتاريخ
- فقدان التواصل مع الواقع
- اللجوء للتوتر و الأفعال الاندفاعية لتحاشى أو تجنب الاستعانة بآراء الآخرين
- يخص نفسه بالاستقامة الأخلاقية دون النظر إلى أي اعتبارات عملية، أو التكاليف المادية أو المآل,
فهو فقط المتحلي بالأخلاقيات
- يتضح الاستهتار و عدم الكفاءة في صنع قراراته.
وتعتبر هذه السلوكيات هي المتميزة والمتفردة لهذا الاضطراب وبالأخص (ذوبان الذات مع السلطة)
،(استعمال لقب نحن ) (الاعتقاد الراسخ بتبرئته أمام الله و التاريخ )، (اندفاعية القرار)، (الاقتناع بالاستقامة
الأخلاقية بغض النظر عن العواقب ) وهذه المحكات غير موجودة حاليا في تصنيف اضطرابات الشخصية في
التصنيف العالمي للأمراض النفسية.
كما يوجد بعض اضطرابات الشخصية التي إن زادت عن حدها قد تصل إلى متلازمة الغطرسة منها:
الشخصية النرجسية العاشقة لذاتها , وكذلك الشخصية المستهينة بالتقاليد و الأعراف في سبيل الاستمرار في القوة
والسلطة المطلقة. و أضيف هنا أنه دائما ما يخفى السياسيون والحكام مرضهم خاصة في النظم الشمولية وأحيانا في
النظم الديمقراطية خوفًا من أن يكون لذلك أثار سلبية على انتخاباتهم التالية وتتلازم هذه السرية مع فترات حكمهم
خوفًا من أن يشوب قراراتهم عدم المصداقية. و يبدو أن الأطباء الذين يعتنون بالحكام أمام مشكلة أخلاقية, فهو
حسب قسم ابقراط يجب أن يلتزموا الصمت و السرية و لكنهم أيضا مسئولين عن وطنهم خاصة إن كان مرض
الحاكم قد يؤثر بالسلب في إتخاذة للقرارات مما قد يؤدى بالوطن إلى كوارث . إن المسئولية الأولى للطبيب و
إخلاصه و القسم الذي أقسمه يضع سرية المريض في المصلحة الأولى. ونذكر هنا كمثال، بمفرمولام، وزيرة
خارجية شمال ايرلندا عندما كذبت بشأن نوع ورم في المخ إن كان سرطاني الخلايا أم حميد، وان كان هذا الورم
قد يؤدى إلي اضطرابات سلوكيه مما يؤدى للضرر بالوطن ولم يستطع آنذاك طبيبها المعالج من البوح بحقيقة هذا
السر حيث أن واجبه الأساسي هو المريض, وقد عانى هذا الطبيب من تداعيات هذا الموقف كثيرا. أذن كشف
سريه مرض الحاكم وحتى وان أصبحت قراراته ضاره بالوطن تشكل مسألة أخلاقية في غاية الأهمية، الفرد أم
الوطن حيث أن القسم الطبي للفرد وفقط !!!! وهى مسألة تحتاج لمناقشات عديدة في مجال الأخلاقيات الطبية .
فالمصاب ب "متلازمة الغطرسة" ليس عنده البصيرة لمعرفة طبيعة سلوكه, وأحد أنواع العلاج هو
الوقاية في ألا يمكث أي حاكم أو رئيس أو قائد مؤسسة أو بنك ...الخ أكثر من مدة محددة حوالي أربع
سنوات مع احتمال تجديدها مرة واحدة، ومحاولة الطبيب الاتصال بأقاربه أو أصدقائه لحثه على العلاج النفسي أو
حتى علاجه من الأمراض المصاحبة لهذه المتلازمة مثل القلق, الاكتئاب، التعود على الكحول, المهدئات أو المنبهات
وكذلك اضطراب عدم التكييف مع العائلة والأصدقاء. ونحن نعرف جيدا أن السلوك الاندفاعي و العناد, والتجمد
الفكري له مسارات عصبية خاصة في المخ خاصة المتصلة بالفص الجبهى و مسارات الدوبامين (موصل عصبي
في المخ مسئول عن اللذة والمتعة ).
ويوجد دراسات عديدة قامت بتصوير المخ تشيد أن إيمان و اقتناع المريض بشفائه تقوى جهاز المناعة وتفرز
مزيدًا من الموصل العصبي الدوبامين و كذلك أفيونات المخ ( أندورفين والانكفالين ) مما يجعل القوة و السلطة
المطلقة مرض إدماني مثل مدمن الهيروين الذي يقوم بكل الأفعال المستهينة بالأخلاقيات والقيم للحصول
على الهيروين وكذلك الحاكم المستبد قد يقوم بأي سلوك من تعذيب و اعتقال وقتل في سبيل البقاء في السلطة و إلا
سيتعرض ل"أعراض الانسحاب" من المخدر.
لذا أهيب ب"واضعي الدستور المصري" الجديد أن يقوموا بالوقاية في مواد الدستور من إدمان
السلطة, وذلك لن يتحقق سوى بمراعاة البقاء في القوة والسلطة لمدة محددة مع ضرورة الشفافية والمساءلة الفورية,
نريد قوة و سلطة المواطن وليست قوة وسلطة الحاكم مع الامتثال المطلق للقانون وتنفيذه.
اقترح اللورد أوين في مقال منشور في المجلة البريطانية للطب النفسي أن يدرج هذا التشخيص ضمن
تصنيفات أمراض الطب النفسي, وقد عمل الدكتور دافيد أوين كطبيب نفسي لمدة زمنية انتقل بعدها للعمل بالسياسة
واستطاع التدرج في عدة مناصب فكان زعيما للحزب الديمقراطي الاجتماعي في بريطانيا ثم صار وزيرا
للخارجية , وبرلماني وكذلك عضوا في بعثة السلام ليوغوسلافيا السابقة ثم انعم علية بلقب لورد.
إن مفهوم "متلازمة الغطرسة" هو مفهوم جديد ينطبق بالأكثر على السياسيين و لكنة يمس أيضا كل
الوظائف المهنية في شتى المجالات كالمؤسسات، البنوك و الجامعات....الخ. وقد أوضح اللورد أوين في مقاله كيف
أن الحالة العقلية والجسدية تؤثر على صانعي القرار من الحكام والمسئولين, واستعرض تأثير الحالة النفسية
والجسدية من خلال مائة عام لجون كنيدي كرئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية وعوامل إصابته بمرض أديسون و
ألام الظهر التي كان يعانى منها والتي تسببت في استعماله لعقاقير ضد الألم وكذلك المنبهات و الكورتيزون مما
كان له أبلغ الأثر في اتخاذه لقرارات خاطئة، كما حدث في مشكلة خليج الخنازير من أجل الإطاحة بكاسترو في
كوبا. و أتخذ كمثال آخر لندون جونسون، الرئيس الامريكى السابق وكيف أصيب بالاكتئاب ثم اضطراب الهوس
الاكتئابي (ثنائي القطب ) والتي ظهرت لديه جليًا خلال مشكلة حرب فيتنام. وأيضا أنتوني إيدن أثناء العدوان
الثلاثي على مصر و استعماله المتكرر للمهدئات والمنبهات مما أثر في قراراته وكان من نتائجه استقالته من رئاسة
الوزراء. فالأمثلة كثيرة والقائمة طويلة تضم على سبيل المثال رئيس فرنسا فرانسوا ميتران، و كذلك شاه
إيران، و الرئيس الأمريكي نيكسون الذي أصيب بالقلق والاكتئاب و استعماله المفرط للكحوليات. وهناك أيضا
أمثلة كثيرة بين الحكام العرب وفى أمريكا اللاتينية. ومن هنا نستطيع أن نستنبط العلاقة المباشرة بين ازدياد
القوة والاستعلاء وظهور "متلازمة الغطرسة" وتتلخص أعراض هذا الاضطراب كالأتي:
- النظرة على العالم كمكان لتمجيد ذاته بالالتصاق بالقوة
- الأولوية في اتخاذ القرار لتضخيم صورته الذاتية
- الاهتمام المبالغ بصورته و طريقه كلامه
- استعراض السلوك والكلام على أنه مبعوث العناية الإلهية
- خلط وذوبان الذات مع الوطن أو المؤسسة أي انه هو الوطن أو المؤسسة
- الاستعمال المفرط لكلمة نحن عند الحديث ، الثقة المبالغ فيها بالذات
- احتقار وازدراء آراء الآخرين
- اعتبار أن حق مساءلته هو من اختصاص الله أو التاريخ وليس من حق الشعب
- الاعتماد الراسخ ببراءته أمام الله والتاريخ
- فقدان التواصل مع الواقع
- اللجوء للتوتر و الأفعال الاندفاعية لتحاشى أو تجنب الاستعانة بآراء الآخرين
- يخص نفسه بالاستقامة الأخلاقية دون النظر إلى أي اعتبارات عملية، أو التكاليف المادية أو المآل,
فهو فقط المتحلي بالأخلاقيات
- يتضح الاستهتار و عدم الكفاءة في صنع قراراته.
وتعتبر هذه السلوكيات هي المتميزة والمتفردة لهذا الاضطراب وبالأخص (ذوبان الذات مع السلطة)
،(استعمال لقب نحن ) (الاعتقاد الراسخ بتبرئته أمام الله و التاريخ )، (اندفاعية القرار)، (الاقتناع بالاستقامة
الأخلاقية بغض النظر عن العواقب ) وهذه المحكات غير موجودة حاليا في تصنيف اضطرابات الشخصية في
التصنيف العالمي للأمراض النفسية.
كما يوجد بعض اضطرابات الشخصية التي إن زادت عن حدها قد تصل إلى متلازمة الغطرسة منها:
الشخصية النرجسية العاشقة لذاتها , وكذلك الشخصية المستهينة بالتقاليد و الأعراف في سبيل الاستمرار في القوة
والسلطة المطلقة. و أضيف هنا أنه دائما ما يخفى السياسيون والحكام مرضهم خاصة في النظم الشمولية وأحيانا في
النظم الديمقراطية خوفًا من أن يكون لذلك أثار سلبية على انتخاباتهم التالية وتتلازم هذه السرية مع فترات حكمهم
خوفًا من أن يشوب قراراتهم عدم المصداقية. و يبدو أن الأطباء الذين يعتنون بالحكام أمام مشكلة أخلاقية, فهو
حسب قسم ابقراط يجب أن يلتزموا الصمت و السرية و لكنهم أيضا مسئولين عن وطنهم خاصة إن كان مرض
الحاكم قد يؤثر بالسلب في إتخاذة للقرارات مما قد يؤدى بالوطن إلى كوارث . إن المسئولية الأولى للطبيب و
إخلاصه و القسم الذي أقسمه يضع سرية المريض في المصلحة الأولى. ونذكر هنا كمثال، بمفرمولام، وزيرة
خارجية شمال ايرلندا عندما كذبت بشأن نوع ورم في المخ إن كان سرطاني الخلايا أم حميد، وان كان هذا الورم
قد يؤدى إلي اضطرابات سلوكيه مما يؤدى للضرر بالوطن ولم يستطع آنذاك طبيبها المعالج من البوح بحقيقة هذا
السر حيث أن واجبه الأساسي هو المريض, وقد عانى هذا الطبيب من تداعيات هذا الموقف كثيرا. أذن كشف
سريه مرض الحاكم وحتى وان أصبحت قراراته ضاره بالوطن تشكل مسألة أخلاقية في غاية الأهمية، الفرد أم
الوطن حيث أن القسم الطبي للفرد وفقط !!!! وهى مسألة تحتاج لمناقشات عديدة في مجال الأخلاقيات الطبية .
فالمصاب ب "متلازمة الغطرسة" ليس عنده البصيرة لمعرفة طبيعة سلوكه, وأحد أنواع العلاج هو
الوقاية في ألا يمكث أي حاكم أو رئيس أو قائد مؤسسة أو بنك ...الخ أكثر من مدة محددة حوالي أربع
سنوات مع احتمال تجديدها مرة واحدة، ومحاولة الطبيب الاتصال بأقاربه أو أصدقائه لحثه على العلاج النفسي أو
حتى علاجه من الأمراض المصاحبة لهذه المتلازمة مثل القلق, الاكتئاب، التعود على الكحول, المهدئات أو المنبهات
وكذلك اضطراب عدم التكييف مع العائلة والأصدقاء. ونحن نعرف جيدا أن السلوك الاندفاعي و العناد, والتجمد
الفكري له مسارات عصبية خاصة في المخ خاصة المتصلة بالفص الجبهى و مسارات الدوبامين (موصل عصبي
في المخ مسئول عن اللذة والمتعة ).
ويوجد دراسات عديدة قامت بتصوير المخ تشيد أن إيمان و اقتناع المريض بشفائه تقوى جهاز المناعة وتفرز
مزيدًا من الموصل العصبي الدوبامين و كذلك أفيونات المخ ( أندورفين والانكفالين ) مما يجعل القوة و السلطة
المطلقة مرض إدماني مثل مدمن الهيروين الذي يقوم بكل الأفعال المستهينة بالأخلاقيات والقيم للحصول
على الهيروين وكذلك الحاكم المستبد قد يقوم بأي سلوك من تعذيب و اعتقال وقتل في سبيل البقاء في السلطة و إلا
سيتعرض ل"أعراض الانسحاب" من المخدر.
لذا أهيب ب"واضعي الدستور المصري" الجديد أن يقوموا بالوقاية في مواد الدستور من إدمان
السلطة, وذلك لن يتحقق سوى بمراعاة البقاء في القوة والسلطة لمدة محددة مع ضرورة الشفافية والمساءلة الفورية,
نريد قوة و سلطة المواطن وليست قوة وسلطة الحاكم مع الامتثال المطلق للقانون وتنفيذه.
0 Post a Comment:
إرسال تعليق