د.سليمان قديح
مفهـــــــوم العنف المنزلي:
وهو العنف الذي يحدث غالباً في محيط الأسرة ويشمل هذا العنف إساءة معاملة الزوجة، وإساءة معاملة الطفل، وإساءة معاملة كبار السن. وفي المقابل هناك ما يعرف بالعنف المجتمعي "وهو عنف يقع على آخرين خارج المنزل بين أشخاص لا توجد بينهم صلة قرابة " ومثال ذلك العنف المدرسي.
وتعد ظاهرة العنف الأسري ظاهرة قديمة تتعرض لها كل المجتمعات فالعنف ضد المرأة والطفل لا يعرف حدوداً جغرافية أو حضارية ولا يقتصر على مجتمعات بعينها دون الأخرى ، بل وينتشر العنف في كافة الطبقات الاجتماعية وبين كافة المستويات التعليمية ، ولكن قضية العنف الأسري (ضرب الزوجة والأطفال ) في مجتمعنا العربي مازالت مسألة تخص الأسرة والحقيقة أنها مشكلة اجتماعية تخص الأسرة والمجتمع ككل .
ويمكن تعريف العنف المنزلي (الأسري ) :" بأنه سلوك يتسم بالعدوانية يصدر عن الزوج تجاه الزوجة أو الطفل بهدف الهيمنة
والسيطرة وإخضاعها في ظل علاقة قوة غير متكافئة اقتصادياً وبدنياً ونفسياً ; مما يتسبب ذلك في إحداث أضرار جسيمة أو نفسية تلحق بهم "، وعلى هذا يشير مفهوم العنف في الأسرة إلى تعمد الإضرار بالمرأة أو الطفل وقد يكون شكل هذا الضرر مادياً من خلال ممارسة العنف القوة الجسمية بالضرب والركل والدفع وغيرها ، أو معنوياً من خلال تعمد الإهانة النفسية بالسب أو الشتائم ، أو التجريح أو الازدراء ، والتقليل من الشأن والأهمية للضحية ، والعزلة والاعتداء الجنسي عليهم .
وبتعبير آخر هو "عبارة عن أي تهديد أو إساءة جسمية أو نفسية أو جنسية تتم بين أعضاء الأسرة، فهو سلوك يرمي عن قصد و عمد من المعتدي إلى إلحاق الأذى والضرر بالضحية ". ويحدث العنف الجسمي والنفسي بين أعضاء الأسرة أكثر من حدوثه بين الأفراد الآخرين ، وأن العنف الأسري يكاد يكون موجوداً في أغلب الأسر تقريباً ،وأن هذا العنف الأسري له أسباب عديدة ،منها : وجود نقص في مهارات بنيه شخصية لدى المعتدي فقد يلجأ المعتدي إلى العنف بهدف السيطرة والهيمنة عل الضحية ، وأن العنف يمكن انتقاله وتوارثه عبر الأجيال ، وأن الأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجسمية أو الذين شاهدوا الإساءة نحو أمهاتهم ينمون كراشدين مسيئين فلا شك أن مشاهدة الأطفال للعنف الأسري يجعلهم أكثر عنفاً نحو الآخرين في علاقاتهم ، ويؤدي التعرض للعنف الأسري خلال الطفولة إلى نمو اعتقادات سلبية لديهم مؤداها أن العنف هو الطريقة المقبولة في التعامل مع المواقف المثيرة للغضب والإحباط ، وللتعامل مع المواقف الضاغطة وحل المشكلات الاجتماعية ، ويتسم الآباء المسيئون لأطفالهم بالاندفاعية ، وعدم القدرة على التحكم في سلوكهم ، وانخفاض القدرة على التعامل مع الأحداث والمواقف الضاغطة ، وانخفاض عتبة الإحباط لديهم ، ويميلون إلى تعاطي الكحوليات والمخدرات ، وانخفاض القدرة على التحكم في انفعالاتهم ، فضلا عن أنهم يعانون البطالة والصعوبة في القدرة على التعبير عن مشاعرهم ، وقد شاهدوا العنف من الوالد نحو الأم ، أو يكونوا قد تعرضوا للعنف والإساءة وهم أطفال في محيط الأسرة ، فضلاً عن وجود اتجاهات سلبية نحو أطفالهم ، ويعانون الاكتئاب والأمراض السيكوسوماتية كما يعانون العزلة الاجتماعية ، إضافة إلى ذلك أن الخصائص الفردية لهؤلاء الآباء المسيئين تؤثر في مستوى الإساءة أو العنف داخل الأسرة ونحو الأطفال ، فالآباء الذين يكونون أكثر عنفاً بصفة عامة يشعرون بالعجز ولديهم انخفاض في تقدير الذات ونقص في استراتيجيات مواجهة المواقف والأحداث المؤلمة والضاغطة التي يتعرضون لها في حياتهم ، وعلى هذا يمكن القول إن الخصائص الفردية للآباء المسيئين تتفاعل مع الضواغط الموقفية وتزيد
0 Post a Comment:
إرسال تعليق