لماذا الغموض والتحيز أيها الباحثون؟!


كتبها: شريف عادل جابر
باحث دكتوراه صحة نفسية (تربية خاصة)

     لم يسلم البحث العلمي في مجال التربية الخاصة- حتى وقتنا هذا- من مشكلة التسميات وما يدور حولها من تخبط علمي وتضارب في الآراء مؤداه شيوع آثار سلبية وخيمة في نفوس عامة الناس، وسلك التحيز من قبل بعض الباحثين في بحوثهم(في مجال التربية الخاصة)لعينة أو لمجموعة دون الأخرى، وسواء كان هذا التحيز تحيزًا عمديًا أو غير مقصود فهو في النهاية يخالف الأعراف التي وضعتها الجمعية الأمريكية لعلم النفس في الطبعة الخامسة من دليل الكتابة العلمية والنشر العلمي عام 2001. وبدلاً من أن تصبح هذه التسميات ذات صحة دلالية باتت- للأسف- مصدرًا لغموض الفهم. فعن مشكلة التسميات وغموضها بالنسبة للأشخاص المنتمين لفئات التربية الخاصة، فهي تفسح الطريق لهم لزرع مشاعر النقص والدونية وشعورهم الدائم بالألم النفسي؛ مما يدفعهم إلى الانسحاب، وعدم انخراطهم مع الآخرين- بالشكل المرجو- داخل المجتمع. ولذا يرى كاتب المقال أنه يجب على أهل التخصص انصراف أذهانهم عن مسميات فئات التربية الخاصة؛ للتفرغ لخدمة هذه الفئة الهامة من فئات المجتمع، فهذا أهم أهداف التربية الخاصة. أو الاتفاق بين العلماء على مسميات صحيحة الدلالة، وبمنأى عن غموض الفهم، وذات آثار إيجابية في نفوس هؤلاء الأشخاص، وذلك من خلال إظهار مواطن القوة والكفاءة والإيجابية وعدم التركيز والتشهير ولو حتى بخصيصة من خصائص القصور والعجز فيهم والتلويح بها في مسماهم. أما عن مشكلة تحيز الباحثين في مجال التربية الخاصة فهي ليست مشكلة بل هي مرض انتشرت براثنه في عقول عدد ليس بقليل من الباحثين وهذا يعزى لأسباب عدة، لعل من أهمها: عدم إطلاع الباحث على ما هو جديد في مجال البحث العلمي وكيفية الكتابة العلمية في هذا المجال. كذلك رفع شأن فئة أو مجموعة يجري عليها الباحث دراسته ويحط من فئة أخرى بنعتهم بمسميات معينة؛ ليسخر هذا من أجل نصرة نتائج بحثه. أو أن يكون الباحث مقتنعًا!(نظام: هو أنا عارف حاجة) أو أن يكون مجبرًا(نظام: مشى حالك) باتباع "المدرسة!!!" التي يسلكها ويعتنقها المشرف على دراسته دون النظر لما هو حديث في مجال البحث العلمي والكتابة العملية وفقًا للرؤية الدولية لها، أو أنه لم يتذكر أنه يتعامل مع طفل أولاً قبل أنه يتعامل مع اضطراب ما ثانيًا فيستخدم الصفة أولاً ثم الاسم ثانيًا، مثل: Learning Disabled Child وهذا جرم في الكتابة العلمية، ومن ثم يجب وفقًا لما ورد في الطبعة الخامسة من دليل الكتابة العلمية والنشر العلمي أن نذكر الاسم أولاً ثم العبارة الوصفية ثانيًا، مثل: a Child with Learning Disability . وفي نهاية المطاف وأيًا كانت الأسباب فهؤلاء الباحثون بذلك يوصمون أفراد فئات التربية الخاصة بالعجز وعدم الكفاءة...وهنا التساؤلات موجهة لك أيها الباحث، وهى: هل لو كان لديك ابن أو ابنه تعاني من اضطراب ما يقع ضمن فئات التربية الخاصة هل ستقبل من الناحية النفسية والاجتماعية أن يقال عليه أو عليها مثل هذه المصطلحات السلبية: شاذ/ة، عبيط/ة، أبله/بلهاء، مخبول/ة، أطرش/طرشه، ملبوس/ة، معتوه/ة، مجنون/ة...إلخ؟!. كذلك هل تقبل إن كان ابنك أو كانت ابنتك في إحدى المجموعات التي تجرى عليها دراسة "علمية" ما أن يحط باحثها قدر صغيرك وينعته بألفاظ لا تقدر أنت على سماعها؟!. هل تقبل أن يكون ابنك أو تكون ابنتك- على سبيل المثال- من ذوي الإعاقة الذهنية وتجد الباحثون يتصارعون ويتخبطون ومنهم من يتشدق على المسمى الصحيح(ويا ليته الأصح) لهذه الفئة الذي ينتمي إليها صغيرك بدلاً من أن يسعوا ويسارعوا لتقديم الخدمات اللازمة له لتحسين مهاراته الحياتية والحد من سلوكياته غير المقبولة اجتماعيًا؟!. فرفقًا أيها الباحثون بأطفالنا وأولياء أمورهم، والعاملين والدارسين في هذا المجال، والمهتمين به. وإياكم والغموض والتحيز وإلا لن نفلح جميعًا ولن نرتقي بهذا المجال أبدًا...هذا ندائى لي كباحث في هذا الدرب من دروب التربية قبل أن يكون لكم...اللهم بلغت اللهم فاشهد.                     

-->
شارك على جوجل بلس

.

    اكتب تعليق بحساب بلوجر
    اكتب تعليق بحساب فيسبوك

0 Post a Comment:

إرسال تعليق