تسببت عقود من النزاع فضلاً عن العنف الذي لا يزال مستعراً في العراق في إصابة العديد من العراقيين بإعاقات جسدية. وتناضل البلاد من أجل تدريب الأطباء على إعادة التأهيل البدني. وقد نظمت اللجنة الدولية للصليب الاحمر دورة تدريبية متميزة، بدعم من أطباء إيرانيين، في نيسان/أبريل بمحافظة إربيل للمساعدة في تلبية هذه الاحتياجات.
وصرَّح الدكتور سمير خليل الجنابيس، رئيس قسم الأطراف الاصطناعية بالمعهد التقني الطبي ببغداد قائلاً: "يوجد بالعراق آلاف الأشخاص المبتورين والمعاقين الذين يحتاجون إلى إعادة تأهيل بدني. ويتطلب الأمر وجود الكثير من الأخصائيين لتقديم إعادة التأهيل بشكل مناسب للمرضى بيد أن قدرات المعهد محدودة ومن ثم لا يتخرج منه عدد كافٍ من الطلاب".
تعاني البلاد في الواقع من نقص في عدد المعلمين والمدربين ذوى الخبرة. ويقول السيد "بريم ساغورتي"، مندوب اللجنة الدولية المعني بالعلاج الطبيعي: "الأطباء الذين يديرون حالياً مراكز إعادة التأهيل البدني في العراق هم في الواقع أطباء متخصصون في علاج الروماتيزم ولم يتلقوا تدريبًا كاملاً على إعادة التأهيل البدني". ثم يضيف بقوله: "يحتاج العراق إلى أطباء متخصصين ومن الضروري توفير تدريب على مستوى عالٍ لبناء قدراتهم وتعزيز معارفهم".
تقدِّم اللجنة الدولية منذ عام 1993 خدمات تركيب الأطراف الاصطناعية وإعادة التأهيل البدني لصالح الأشخاص المعاقين في العراق. وتدعم في الوقت الحالي 10 مراكز لإعادة التأهيل البدني في جميع أنحاء العراق وتدير مركزًا خاصاً بها في محافظة إربيل. وعززت اللجنة الدولية جهودها منذ عام 2006 للمساعدة في تدريب الأطباء وأخصائيي العلاج الطبيعي والفنيين.
نظمت اللجنة الدولية في نيسان/أبريل من العام الجاري الدورة التدريبية الأولى في مجال إدارة أجهزة تقويم العظام لعلاج الأمراض التي تصيب الأطراف السفلى. وقد حضر الدورة التدريبية 14 طبيبًا يعملون في مجال إعادة التأهيل البدني في العراق، وأُجريَت في مركز اللجنة الدولية في إربيل بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية ووزارة الصحة في إقليم كردستان العراق وجمعية الهلال الأحمر الإيراني.
قام بتيسير الدورة التدريبية طبيب وأخصائي في العلاج الطبيعي من الهلال الأحمر الإيراني. ويقول السيد "ساغورتي": "لقد ساهم الهلال الأحمر الإيراني بشكل إيجابي في تحسين خدمات إعادة التأهيل البدني في إيران، وقد عملت اللجنة الدولية في إيران معه عن كثب". ويستطرد بقوله: "قررنا توجيه الدعوة إلى أخصائيين إيرانيين لتنفيذ التدريب من أجل تعزيز تقاسم الخبرات بين الأخصائيين في البلدين المتجاورين".
كانت تلك هي الزيارة الأولي التي يقوم بها الطبيب الإيراني الدكتور "زماني" إلى العراق وكان رد فعله إزاء المشاركة في الدورة إيجابياً للغاية. وقد عبر الدكتور "زماني" عن ذلك قائلاً: "يعَد تقاسم الخبرات أحد العوامل الرئيسية في العمل الناجح. لقد سعدت للغاية لتمكني من التفاعل مع أطباء عراقيين".
كانت التجربة إيجابية أيضًا بالنسبة للمشاركين العراقيين. فقد صرحت الدكتورة علا كمال، رئيسة قسم إعادة التأهيل البدني بالمعهد التقني الطبي ببغداد، قائلة: "لقد فاق التدريب توقعاتي، وتناول الميسرون مواضيع مهمة. كانت هناك بعض الفجوات في جوانب من العمل ولكننا تمكننا من تعلُّم تقنيات جديدة مثل تحديد المعايير الواجب تطبيقها عند التوصية بتركيب أطراف اصطناعية، لا سيما للأطفال. سوف أطبِّق ما تعلمته هنا وسأنظم حلقات نقاش لطلاب المعهد في بغداد".
شدد الدكتور خالد محمود معارك وهو أحد المشاركين على أهمية تلك النوعية من الدورات التدريبية قائلاً: "لا تتوفر فرص تدريب كافية للأطباء العراقيين عقب تخرجهم من الجامعة".
يتفق الدكتور "زماني" مع الدكتور خالد في الرأي فيقول: "كان مستوى الأطباء العراقيين الذين حضروا الدورة التدريبية جيدًا، ولكنني شعرت أن بعض الجوانب المتصلة بإعادة التأهيل البدني كان ينبغي تعزيزها". وأكد رأيه قائلاً: "شعرت أن هناك حاجة لتحسين التنسيق بين جميع الجهات المشاركة في إعادة التأهيل البدني في العراق. لقد استطعنا أن نتناول بعض هذه الجوانب خلال الدورة التدريبية، ومن المهم الآن أن نستفيد من التجربة الأولى لإطلاق مبادرات مماثلة".
اتفق جميع المشاركين على ضرورة تنظيم المزيد من الدورات التدريبية، واقترحوا ضم الفنيين العاملين في مجال الأطراف الاصطناعية وتقويم العظام وأخصائيي العلاج الطبيعي.
يرى السيد "ساغورتي" مندوب اللجنة الدولية أن نجاح الدورة التدريبية أثبت أن إشراك مدربين إيرانيين كان اختيارًا سليمًا، حيث شرح ذلك قائلاً: "طلب منا العراقيون مرارًا وتكراراً توفير المزيد من فرص التدريب، بيد أننا واجهنا مصاعب في تنظيم التدريب المناسب خارج البلاد. وكان الحل هو إشراك زملاء من إيران ونجحت التجربة. لقد أبدى المشاركون جنباً على جنب مع الزملاء الإيرانيين رغبة قوية في تحسين الدورات التدريبية اللاحقة. وتعد تلك الدورات التدريبية أفضل منتديات لتبادل المعلومات وتحسين مستوى المعرفة".

0 Post a Comment:
إرسال تعليق